عدد الرسائل : 262 العمر : 34 البلد : مصــــــــــر العمل/الترفيه : طالب فى الثانوية العامة المزاج : عشق كل ما هو صعب تاريخ التسجيل : 20/02/2008
موضوع: اعجاز القرآن العلمى والحسابى فى قصة سيدنا نوح السبت أبريل 26, 2008 3:30 am
فى قصة لسيدنا نوح من قول الله تعالى
وقيل يا أرض ابلعي
أن واجب التدبر في القرأن الكريم هو فرض علينا جميعا
ونذكر هنا أن الامر بالتدبر في القرآن الكريم دائما يأتي في صيغة الجمع "أفلا يتدبرون" "ليدبروا آياته"
فهذه محاولة متواضعة من طرفي لاثراء المكتبة الاسلامية بمواضيع متجددة إن شاء الله تعالى
فإن أصبت فذلك بتوفيق من الله
إعجاز علمي جديد في رواية القرآن لقصة سيدنا نوح
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" فهذه الآية أعتبرها هي رخصتي في التحدث عن الاعجاز القرآني.
وموضوعنا هذه المرة هو إعجاز علمي جديد في قصة سيدنا نوح عليه السلام وتحديدا في قوله تعالى "وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين" ، وكذلك بقية الآيات التي تتحدث عن الطوفان وربطها بآخر كشف علمي تم نشره منذ أسابيع عديدة فقط.
وحفاظا على وقت القارئ الكريم فسيكون هذا الموضوع إن شاء الله موجزا قدر الامكان وبعيدا عن الاطناب والحشو.
وسأقسم هذا الموضوع إلى عدة أجزاء.
نبدأه بالجزء الاول الذي يتناول بلع الماء
ثم الجزء الثاني يتعرض لفوران التنور
والجزء الثالث يحلل جري الفلك
هذه الصورة المركبة تمثل نتيجة ابحاث استمرت 15 عاما
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز
"وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين"
وحري بنا أن نعرج في البداية على الاعجاز البلاغي الوارد في هذه الآية الكريمة
فلقد بلغت هذه الآية درجة عالية في الاعجاز البلاغي لدرجة أن العرب كانوا يعلقون على الكعبة أبلغ ما نظم من شعر وكلما جاء ما هو أبلغ منه أنزل القديم وحل محله الجديد وعندما نزلت هذه الآية أنزلت جميع المعلقات . ورد هذا في كتاب الزنجاني بصدد المعلقات.
وقيل فيها أيضا : " لو فتش كلام العرب والعجم ما وجد فيه مثل هذه الآية على حسن نظمها، وبلاغة رصفها، واشتمال المعاني فيها" وحظيت هذه الآية بالكثير من التحليل البلاغي وكتب عنها الكثير إلا أننا الآن لسنا في مجال سرد هذه الكتابات ونكتفي بذكر أن هذه الآية التي تتكون من 17 كلمة (أو 19 إن حسبنا "يا" كلمة) إحتوت أكثرمن 21 نوع من أنواع البديع .
فسبحان الله وصدق من قال عن هذا القرآن أنه كتاب لا تنقضي عجائبه. والاعجاز العلمي الذي إنكشف لنا منذ أسابيع فقط يخص تحديدا كلمة "ابلعي" فلننظر أولا إلى ما بين ايدينا من التفاسير فلقد ورد في تفسير القرطبي "ويقال: بلع الماء يبلعه مثل منع يمنع وبلع يبلع مثل حمد ويحمد؛ لغتان حكاهما الكسائي والفراء. والبالوعة الموضع الذي يشرب الماء."
والبلع يختلف عن الشرب فالشرب هو إستخدام ذلك الماء والاستفادة منه أما البلع فهو مجرد تمريره عبر نقطة تسمى عند البشر وكثير من المخلوقات بالبلعوم إذن فمختصر معنى بلع الماء هو تمريره إلى الجوف ، وتعني أيضا أن هذا الماء سيظل بجوف الارض إلى حين صدور أمر آخر لها. وهذا هو لب هذا الموضوع.
فبالاضافة إلى رقة البلاغة في هذه الآية نجد أيضا الدقة العلمية. فسبحان الله.
في شهر فبراير (2) من هذا العام 2007 نشرت نتائج دراسة للبرفسور مايكل ويسيسيون من جامعة جورج واشنطن بمدينة سينت لويس وبمساعدة طالب دراسات عليا من جامعة كاليفورنيا سان دييقو. الدراسة انطوت على تحليل 80 ألف هزة مسجلة على 600 الف سجل زلازل أو ما يعرف بسيزموقراف ولمدة 15 عاما. والمبدأ الذي بنيت عليه الدراسة هو نفس المبدأ المستخدم في إستكشاف النفط . فعن طريق تحليل البيانات السيزموغرافية تستطيع شركات النفط أخذ فكرة عن طبيعة تكوين طبقات الارض ومعرفة ما إذا كانت هناك فرصة للعثور على النفط. ويحدث هذا عن طريق إحداث تفجيرات على سطح الارض بالمنطقة المراد دراستها ثم تسجيل إنعكاسات هذه الموجات من قبل مجسات شبيهة بناقل الصوت أو الميكروفون ثم تحليلها بإستخدام الحاسب الآلي أو الكمبيوتر. وكانت فكرة البرفسور الامريكي هو إستغلال بيانات الهزات الارضية التي تحدث بإستمرار والتي تسجل لدى آلاف المحطات المنتشرة على سطح الارض. وعن طريق تحليلها فمن الممكن أخذ فكرة جيدة عن طبيعة طبقات الارض. ومن المعروف والثابت علميا أن سرعة انتقال هذه الهزات تختلف من وسط لآخر ، فعندما تمر الهزات بمنطقة صخرية فإنها تتمتع بسرعة عالية بينما يحدث لها بطء وضعف عند مرورها بمنطقة تحوي مياه أو سوائل. فعند حدوث هزة أرضية بإحدى الجزر اليابانية مثلا فإن تلك الهزة عادة ما تبلغ من القوة ما يجعلها تسجل لدى كثير من محطات متابعة الزلازل حول العالم فتستقبلها محطة في ايطاليا وأخرى في البرازيل غير أن الوسط الذي تمر فيه هذه الهزة يختلف من موقع لآخر وهذا ما يعطي فرصة جيدة للتعرف على باطن الارض عن طريق تحليل ومقارنة تسجيلات هذه الهزة في جميع أنحاء العالم .
محصلة الدراسة أثبتت وجود محيطين مائيين ضخمين الاول تحت الجزء الشرقي من قارة آسيا وهو الاكبر والمحيط الثاني الاصغر حجما موجود تحت قارة امريكا الشمالية على عمق يتراوح بين 1200 إلى 1400 كيلومتر تحت القشرة الارضية.
وحتى نكون على بينة من هذا العمق فإن متوسط عمق آبار النفط يتراوح بين 1400 متر أو 1.4 كم إلى 3700 متر أو 3.7 كيلو متر وأن أعمق بئر نفطي جاري حفره الآن في الصين وسيبلغ عمقه 8875 متر أو أقل من 9 كيلومترات.
في الصورة الموجودة أعلى هذه الصفحة نرى اللون الاحمر يمثل أعمق أجزاء هذا المحيط الضخم الموجود أسفل قارة آسيا وكذلك المحيط الاصغر الحجم الموجود تحت قارة أمريكا الشمالية وتشير الخطوط الخضراء في الصورة إلى حدود القارات وكذلك تقاسيم الصفائح الارضية tectonic plates أما المناطق الصفراء فتمثل وجود الماء ولكن بكمية أقل
وهذه صورة أخرى بشكل مختلف
فسبحان الله حين أمر الارض أن تبلع مائها فقد يكون هذا الماء المتواجد بالمحيطين الضخمين أو أحدهما هو نفس الماء الذي أمر المولى عز وجل الارض أن تبلعه ، وإكتشافه الآن دليل آخر على إمتثال الارض لامر الله ببلع الماء والاحتفاظ به في جوفها.
ونشهد هنا لطيفة أخرى وهي أن هذا الماء يخص الارض فهو نفس الماء الذي فار منها ولم ينسب الماء إلى السماء وإنما ورد الامر إلى السماء في صيغة "اقلعي" فقط. ووصف المولى عز وجل إنحسار الماء بالغيض وهو النقص. ولم يأمر المولى عز وجل الماء بأن يجف وإلا لكانت كارثة بيئية عظيمة و لما إستمرت الحياة على وجه الارض.
فسبحان الله
مع بلوغ هذه الآية كريمة درجة عالية من البلاغة فكل كلمة فيها هي غاية في الدقة وما علينا سوى البحث و التنقيب والتدبر.
الجزء التالي فوران التنور
الآيات الكريمة تصف خروج الماء من الارض بوصف دقيق وبليغ وأهمها قوله تعالى (وفار التنور) وقوله تعالى (وفجرنا الأرض عيونا)
فلو أننا ننظر إلى الامر من زاوية علمية فإن هذا الماء الخارج من الارض بعد تشققها هو ماء حار وهو في درجة حرارة أعلى من درجة غليان الماء لآنه كان محجوزا تحت قشرة الارض وخير دليل على هذا قوله تعالى (وفار التنور) ، وكذلك قوله تعالى "وفجرنا الارض عيونا" فهذا الفوران يدل على وجود بخار الماء الساخن بكثرة . فما يحدث عادة بعد صعود البخار الساخن إلى أعلى هو برودته وتكثفة ومن ثم سقوطه كماء منهمر الذي تتحدث عنه الآيات الكريمة.
وهناك نظرية علمية ثابتة تقول أن الغازات عندما تخرج من منطقة ضغط عال إلى منطقة ضغط منخفض ومن خلال فتحة ضيقة فإنها تبرد ، وعلى أساس هذه النظرية يتم إسالة الغازات في مصانع تسييل الغازات وتعبئتها في إسطوانات. ولمن أراد من طلبة العلم الاستزادة فهذه النظرية يطلق عليها إسم The Joule-Thomson Effect وكذلك يطلق عليها إسم Adiabatic expansion
ولكي نكون على بينة هنا بخصوص النظريات العلمية الثابتة فهي في الواقع سنن المولى عز وجل في هذا الكون إكتشفها العلماء وصاغوها في صيغة معادلات ونظريات وقوانين. فعندما نتحدث عن تكثف البخار عند خروجه من منطقة الضغط المرتفع إلى منطقة ضغط منخفض فإننا لا نطوع آية من آيات الله لقواعد علمية بل كل ما نفعله هو تعليل ما حدث. و جدير بنا ان نشير مرة أخرى إلى ان المولي عز وجل نسب الماء إلى الارض ولم ينسب أي ماء إلى السماء بل أمر السماء فقط بالاقلاع "وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء"
فنستطيع ان نتصور الآن كيف أن البخار المنبعث من الارض يبرد حال خروجه إلى الجو ومن ثم يتكثف وينزل مطرا منهمرا. ومما يؤكد على صدق هذا التصور أن أول ما ذكر من الطوفان هو فوران التنور أي خروج الماء الحار والبخار من جوف الارض. وفي كل السور التي تطرقت لقصة سيدنا نوح نلاحظ ذكر فوران التنور أولا أو ذكر الماء المنهمر أولا ثم يأتي بعدها ذكر عيون الارض.
كما أنه بعد حدوث الطوفان العظيم علينا ان نلاحظ أن الأمر للارض ببلع الماء جاء قبل صدور الامر للسماء بالاقلاع وهو تسلسل منطقي وعلمي. ذلك أن المطر المنهمر مصدره في الواقع هو ماء الارض سواء كان ذلك عند خروجه كبخار متفجر أو كماء حار منبثق من العيون أو عن طريق زيادة التبخر الناتج عن زيادة الرقعة التي يغطيها الماء .
فلو أن الامر في القرآن الكريم صدر للسماء أولا أن تقلع لقال المشككون أن في هذا خلل لأن البخار سيتراكم بكثرة وبشكل يستحيل معه التنفس. أي أن الآيات القرآنية تتحدث عن توقف المسبب ثم يأتي بعدها الاثر (cause and effect) وهو تسلسل منطقي وعلمي. والنتيجة المنطقية لبلع الارض لمائها ولإقلاع السماء أن ينحسر الماء ولذا جاءت بعدها جملة "وغيض الماء" في تسلسل منطقي وتبعها بالطبع إستواء السفينة على جبل الجودي. وعندما نفكر مليا في تسلسل الاحداث نستطيع أن نكتشف تفاصيل أدق. فالحوار الذي دار بين سيدنا نوح وإبنه يكشف لنا تفاصيل دقيقة
فبعد فوران التنور مباشرة بدأ منسوب الماء يرتفع بسبب المطر المنهمر الناتج عن تكثف البخار وبسبب العيون المتفجرة ولكن الابن العاص كان قادرا على تفادي الغرق ورفض الركوب مع أبيه في السفينة التي بدأت بالابحار ،نفهم هذا من قوله تعالى "ونادى نوح إبنه وهو في معزل يا بني إركب معنا"
فإبن سيدنا نوح ربما كان يقف في منطقة عالية نسبيا أو أنه كان في مأمن مؤقت وكان محاط بالماء ولكنه قدر أنه إذا ما إنتقل إلى مستوى أعلى فإنه سينجو وذلك برده "قال سأوي إلى جبل يعصمني من الماء" وفي هذه إشارة إلى إزدياد منسوب الماء بإضطراد .
فالماء كان موجودا ولكن الطوفان لم يبدأ بشدة بعد والسفينة بدت تطفو وصار الطرفان ( المؤمنون والكافرون )على ثقة من قيمة هذه السفينة و في هذه اللحظة إختفت السخرية التي كانت سائدة. وتأتي لحظة التحول الكبرى عندما إقتربت أول موجة كبيرة وصفها المولى عز وجل بعبارة دقيقة وبليغة "وحال بينهما الموج فكان من المغرقين" لم يسمع بعدها أي شيء من إبن سيدنا نوح إلا أن الحدث كان قاسيا جدا على سيدنا نوح فبعد رسو السفينة خاطب ربه فيما بعد قائلا "ونادى نوح ربه فقال رب إن إبني من إهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين"
والآيات الكريمة أوردت هذا النداء بعد إستواء السفينة على الجبل فكأنما سيدنا نوح كان يأمل أن يجد إبنه متعلقا بالسفينة أو ناجيا بطريقة أخرى . وكم كان موقفا صعبا ووقتا عصيبا على سيدنا نوح عليه وعلى نبينا السلام ،يرى إبنه يغرق أمامه وهو يناديه فلا يقبل ، ولا أحد يواسيه أو يعزيه خاصة وأن الزوجة هي الاخرى في عداد الظالمين
الجزء التالي جري السفينة
لقد وصف المولى عز وجل حركة السفينة بالجري فقال "وهي تجري بهم في موج كالجبال" ويجب أن نلاحظ هنا دقة التعبير في قوله تعالى "تجري" فالجري هو الانتقال بسرعة . وكلمة الجري وصف المولى عز وجل بها كثير من حركات الانهار والرياح والاجرام. ففي الجنة كثيرا ما توصف حركة مياه الانهار بالجري "تجري من تحتها الانهار" وتصل قمة البلاغة والرقة في وصف جريان الماء بقوله تعالى "فيهما عينان تجريان" فالحركة هنا مزدوجة ومنفصلة ولكنها متجاورة وجري الماء يعبر عن الحركة والطاقة والحياة ومضاده هو الركود وعندها يوصف الماء بالآسن.
وعند التدبر في جري السفينة يخطر ببالنا سؤال منطقي ما هي القوة التي كانت تدفع سفينة سيدنا نوح وتجعلها تجري ؟
فالآيات الكريمة والحديث الشريف وكذلك التفاسير والمصادر المسيحية أو اليهودية لم تتحدث عن أشرعة تدفع هذه السفينة بقوة الريح. بالاضافة إلى إحتمال عدم وجود ريح بين هذه الامواج العالية . ومن المستبعد أن يكون المؤمنون الذين ركبوا السفينة مع سيدنا نوح يقومون بالتجديف لجعل السفينة تجري على الماء. وذلك لثقل السفينة وحمولتها ولإضطراب البحر ، ولم نجد أي ذكر لمجاديف سواء في القرآن أو التفاسير أو حتى الاسرائيليات أو المصادر المسيحية. وعدد المؤمنين كان قليلا وبنيتهم الجسدية هي أيضا قد تكون غير مناسبة فلم يذكروا على أنهم أقوياء أصحاء بل وصفهم الكافرون بكلمة "أراذلنا". أضف إلى هذا أنه هناك مطر غزير جدا وصفه المولى عز وجل "ماء منهمر" فهذا الماء لا يناسب وجود شراع ولايناسب الجدافين أن يعملوا تحته.
فضلا عن أن السفينة لابد أنها كانت مغطاة حتى لا يغرقها الماء المنهمر.
فما هي القوة التي كانت تدفع سفينة سيدنا نوح وتجعلها تجري ؟
عندما فكرت في الموضوع كمهندس وحاولت التعرف على تلك القوة إحترت في البداية ثم وجدت الجواب في نفس الآية.
ولنقرأ الآية من جديد "وهي تجري بهم في موج كالجبال"
سبحان الله
فما هو الموج؟
الموج هو تلك الكتلة المائية المتحركة والمرتفعة في منسوبها عن سطح الماء المستقر فأنظروا معي يا إخوتي الكرام في قوله تعالى "في موج" وبالذات في حرف الجر هذا "في" المولى عز وجل لم يقل "على الموج" بل قال "في موج" وهذا دليل على أن حركة السفينة هي من ضمن حركة الموج.
سبحان الله
وحتى نفهم هذا المعنى أود منكم أن تستحضروا في أذهانكم صورة رياضي يمارس رياضة التزحلق على الموج مثل تلك الامواج الموجودة بالمحيط الهادئ المقابل لسواحل جزر هاواي الامريكية. فهذا الرجل في الواقع يجري في الموج والموج هو الذي يدفعه وهذا الموج الذي نشاهده أحيانا على شاشة التلفاز هو صغير جدا مقارنة بالموج الذي كان يحمل ويدفع سفينة سيدنا نوح عليه السلام. فسبحان من يقول "وهي تجري بهم في موج كالجبال" والمولى عز وجل عندما يشبه الموج بالجبال فعلينا بالفعل أن نتصورها في حجم الجبال لأن القرآن الكريم ليس فيه اسلوب المبالغة فالموج والجبال كلها من خلق الخالق المبدع. وعندما يكون الموج ضخما كالجبال كما وصفه المولى عز وجل فإن حركته ستكون عظيمة ومستقرة ومنتظمة ولا تحدث له عملية إنقلاب وإنكسار كتلك التي نشاهدها على شواطئنا.
وهناك لطيفة أخرى تؤيد هذا الفهم لحركة السفينة وهي قول المولى عز وجل على لسان سيدنا نوح "وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ " والمقصود هنا كلمة "مجراها" فالله سبحانه هو الذي سيجري هذه السفينة وهو الذي سيجعلها ترسو.
فالدفع والتوجيه والابحار والرسو كلها من تدبير المولى عز وجل .
ففي جريها رحمة لأن فيها نجاة من الغرق وفي رسوها رحمة لضرورة العيش على اليابسة لذا ختمت الآية بقوله تعالى "إن ربي لغفور رحيم" وفي سورة الحاقة ذكر المولى عز وجل هذه السفينة بإسم الجارية "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية" ويتجسد هذا المعنى أيضا في قوله تعالى "تجري بأعيننا" ومنها ندرك أيضا رحمة المولى عز وجل بنا في كلمة "بأعيننا" لأننا جميعا ذرية لركاب تلك السفينة